مراجعة لعبة Postal 2 للكمبيوتر — فوضى سوداء وكوميديا سادِرة في عالم لا يرحم
صدرت Postal 2 عام 2003 من تطوير شركة Running With Scissors، وتحولت عبر السنين إلى لعبة أيقونية ومثيرة للجدل في عالم الألعاب بسبب محتواها العنيف جدًا وروحها الساخرة السوداء. اللعبة تُقدم تجربة عالم مفتوح (Open World) بسيطة من الناحية التقنية لكن مع تركيز كبير على حرية اللاعب ومواقفها الصادمة والساخرة التي لا تهمّش حدود الذوق التقليدي. إذا كنت تبحث عن لعبة تحررك من قيود الأخلاقيات التقليدية وتقدم حسًّا هزليًا سوداويًا، فقد تجد في Postal 2 تجربة فريدة — وإن كانت مستفزة للبعض.
أسلوب اللعب
Postal 2 تعتمد منظور الشخص الأوّل (FPS) لكن ليست لعبة تصويب تقليدية بالمعنى المتعارف. تتميز بالحرية المطلقة تقريبًا: تحصل على أوقات ومهام يومية تبدو عادية — مثل الذهاب للسوبرماركت أو دفع الفواتير — لكن اللعبة تتيح لك التعامل مع هذه المهام بطرق عنيفة أو مسالمة حسب اختيارك.
أساس اللعبة هو التجول في مدينة مفتوحة والتفاعل مع شخصيات ونقاط مهام مختلفة. يمكنك استخدام أنواع أسلحة متعددة، أدوات منزلية، وحتى سلوكيات غريبة كالتبول أو ارتداء ملابس ساخرة لتحقيق أهداف أو فقط لإثارة الفوضى. وجود نظام مهمات فضفاض يجعل التجربة أقرب إلى "محاكاة الفوضى" منه إلى قصة خطية صارمة.
القصة والأجواء
القصة بسيطة ومتكئزة على السخرية: تتبع حياة بطل اللعبة خلال أسبوع واحد من حياته اليومية، ومهامه تبدو "يومية" لكنها تتحول بسرعة إلى مواقف متطرفة. الحبكة ليست الهدف الأساسي — بل الهدف هو خلق مواقف وتحديات تسمح للاعب باستكشاف ردود فعل المجتمع والعنف والهزلية في آنٍ واحد. الأجواء قاتمة وساخرة، والحوارات والنصوص مليئة بالسخرية السوداء والانتقادات اللاذعة للمجتمع والثقافة المعاصرة.
الرسوم والصوت
من الناحية الرسومية، Postal 2 لعبة قديمة — محرك رسوماتها بسيط مقارنةً بعصرنا الحالي. لكنها لا تهدف للتألق البصري، فالتصميم الفني يخدم الأجواء الكاريكاتيرية أكثر من السعي للتفاصيل الواقعية. أما الأصوات، فمؤثرات الأسلحة والحوارات تُعزّز الشعور بالفوضى، والموسيقى التصويرية تُستخدم بشكل مقتصد لخدمة المشاهد الساخرة والمواقف الهزلية.
التخصيص والإضافات (Mods)
واحدة من نقاط القوة التي بقاء اللعبة في دائرة الاهتمام هي مجتمع التعديلات (Mods). اشتُهر عنوان Postal 2 بوجود عشرات الإضافات التي تضيف خرائط جديدة، أسلحة مبتكرة، سيناريوهات بديلة، وحتى تغييرات قوية في طريقة اللعب. هذا المجتمع جعَل من اللعبة منصة للتجارب المجنونة، وأتاح للاعبين إعادة ابتكار التجربة بعناصر أكثر تنويعًا وإثارة.
الجدل والرقابة
لا يمكن الحديث عن Postal 2 دون ذكر الجدل الكبير الذي صاحبها. اللعبة تعرض مشاهد عنف صريحة وإهانات متعمدة لمجموعات وأفراد، لذلك تعرّضت للحظر أو القيود في بعض الدول وواجهت انتقادات واسعة من جماعات حقوقية وصحفية. المطوّرون دافعوا عن اللعبة بوصفها "كوميديا مظلمة" وترفيه للبالغين فقط. على اللاعب أن يكون واعيًا: هذه لعبة للكبار وتحتاج إلى تحمّل عالي للمحتوى الصادم، ولا يُنصح بها لمن قد يتأثر بعنف أو محتوى غير لائق.
تجربة اللعب الآن وهل تستحق التجربة؟
رغم قدمها، تظل Postal 2 تجربة فريدة من نوعها؛ فهي تقدم نوعًا مختلفًا من "التحرر" داخل لعبة فيديو، حيث تُعطي الحرية المطلقة مع لمسة من السخرية. إن كنت تبحث عن لعبة سردية متقنة أو رسومات متطورة فلن تكون مناسبة، لكن إن أردت تجربة غريبة، استفزازية، ومليئة بالمواقف الكوميدية السوداء — فقد تجد متعتك فيها. من جهة أخرى، للأشخاص المهتمين بالتعديلات (Mods) ستجد محتوى ضخم يطيل عمر اللعبة ويجعل كل جولة مختلفة.
متطلبات تشغيل (مقارنة زمن الإصدار)
نظراً لأن Postal 2 لعبة قديمة، فهي تعمل على معظم الحواسيب الحديثة بسهولة. المتطلبات الأساسية كانت منخفضة عند الإصدار، ومع تعديلات قد تحتاج مواصفات أعلى بناءً على الحزمة الإضافية أو الـMods التي تثبتها. بشكل عام، أي حاسوب عادي من العشر سنوات الأخيرة قادر على تشغيلها بدون مشاكل.
اللعبة معروفة انها تعمل على الاجهزة الضعيفة
Postal 2 ليست لعبة عادية؛ إنها تجربة متعمدة للاستفزاز والسخرية السوداء، ومثلت شكلًا مبكرًا من الألعاب التي تختبر حدود القبول الاجتماعي داخل وسائط ترفيهية. إذا كنت تملك تسامحًا مع المحتوى الصادم وتقدّر الحرية الإبداعية في اللعب والمجتمعات التي تبني تعديلات، فستجد في Postal 2 منصة ممتعة ومثيرة للفضول. أما إن كنت ترفض المحتوى العنيف أو الإهانات المتعمدة، فمن الأفضل تجنبها — لأن هدفها الأساسي استثارة المشاعر وإحداث جدل، وليس إرضاء الذوق العام.
اضغط هنا لتحميل اللعبة

